تحديات كبيرة و قليلة هي المعلومات التي تتحدث عن تجمع دول الساحل و الصحراء و هي منظمة أنشئت عام 1998 من 5 دول (ليبيا و تشاد و النيجر و مالي و بوركينا فاسو) و أصبحت تضم اليوم 27 بلد أفريقي من البحر الأحمر شرقاً و حتى المحيط الأطلنطي غرباً.. و كان هدفها العمل على بناء نموذج اقتصادي يهدف لإتحاد اقتصادي شامل وفق استراتيجية تعمل على تنفيذ مخططات دول التجمع عبر مشاريع زراعية و صناعية و اجتماعية و ثقافية و ترغب كذلك في إزالة كافة العوائق التي تحول دون ضمان أبسط الاشياء و هي حرية تنقل الأفراد و حرية البضائع و حرية الإقامة و العمل على تطوير وسائل النقل و الاتصالات الأرضية و الجوية و البحرية و العمل على تنسيق النظم التعليمية.
أثر ما عُرف بالربيع العربي بشكل كبير في هذا التجمع.. و ينبغي الفصل بين مرحلتين لهذا التجمع ما قبل 2011 و ما بعد 2011م.
منذ نشأة تجمع (س ص) عام 1998 الذي جاء نتيجة سياقات إقليمية حيث أثرت أزمة لوكيربي على ليبيا فكان التفكير أنذاك في إنشاء تجمع الساحل و الصحراء لتحقيق توازن على مستوى الخارجية الليبية.
و بالتالي إذا ما قمنا بقراءة لمرحلة ما قبل 2011م نجد أن هذه المرحلة كانت مرحلة إبدى الرأي للازمات التي شهدتها المنطقة كأزمة دارفور و كذلك اتفاقية السلام التي أبرمها الرئيس التشادي الراحل إدريس دبي مع حركة من أجل الديمقراطية و التنمية و تأييد اتفاقية السلام بين أريتريا و أثيوبيا.
هذه هي أهم الاشياء التي تحققت ما قبل مرحلة 2011م.
ما بعد 2011 و نتيجة للرجات الأمنية التي وقعت في منطقة دول الساحل و الصحراء كان لابد من إعادة تنظيم و هيكلة التجمع و قد شهد التجمع دورة استثنائية في مدينة الرباط بالمغرب أعطت انطلاقة وفقا لدورة إنجامينا سنة 2013 لضخ دماء جديدة و تعديل ميثاق التأسيس.
لكن حتى الأن يبقى هذا التجمع غير فعَّال نظرا للتحديات التي يواجهها.
لابد من الإشارة إلي أن تجمع س ص ليس معروفا بقدر المجموعات الاقتصادية الإقليمية السبع الأخرى التابعة للاتحاد الأفريقي و كان لفقدان القاطرة( ليبيا) التي تقود هذا التجمع الاثر الكبير في ذلك.
كذلك عانى التجمع من كثرة الدول المنضمة إليه.. أيضا المؤسسات التي تم إنشائها و اللجان المنبثقة عن هذا التجمع لن تقم بدورها المنوط بها خصوصا مصرف س ص للتنمية و التجارة و المجلس الاقتصادي و الاجتماعي والثقافي.
خلال السنوات الماضية حاولت بلدان أفريقية أن تكون قاطرة لهذا التجمع منها دولة تشاد التي استضافت الدورة الواحد و العشرين سنة 2013م و نقلت المقر الدائم للتجمع من مدينة طرابلس للعاصمة التشادية أنجامينا و كذلك المملكة المغربية التي اطلقت المنتدي الاقتصادي لدول الساحل و الصحراء خلال الاجتماع التحضيري للدورة العادية الـ 21 للمجلس التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء.
تكمن أهمية تجمع دول الساحل و الصحراء في أنه حلقة الوصل بين مجموعات إقتصادية كبرى و تشكل وزن إقتصادي كبير كمجموعة الكوميسا و مجموعة غرب افريقيا (الإيكواس) و من هذه الأهمية القصوى و نظرا للتحديات الدولية و دخول الدب الروسي و العملاق الصيني و تركيا و بعض دول الخليج أرتأى مجلس الأمن القومي الليبي بقيادة ((المستشار إبراهيم بوشناف)) و عبر مشروع إطلاق مجلس أمن قومي لدول الساحل و الصحراء أن يعيد روح الحياة لهذا التجمع و أن يكون مجلس الامن القومي لدول الساحل و الصحراء البارقة و الأمل لتعود دولة ليبيا و تكون القاطرة التي تقود هذا التجمع من جديد.
التجمع اليوم يبحث عن بوصلة و إعادة تشغيل و بالإمكان ذلك من خلال المشاركة الليبية و الخبرة الليبية في أفريقيا و الرغبة في العمل على تجميع القوى الأفريقية و وضع خارطة طريق من خلال الرؤية الأستراتيجية لمجلس الأمن القومي الليبي.
صحيح أن التجمع لم تكن له قيمة مضافة منذ أنشائه لكن مع توحيد الرؤى و إيجاد أرضية للتفاهمات و كذلك التغلب على المشاكل التي تعاني منها دول الساحل و الصحراء يمكن إعادة الأمل لهذا التجمع و إحيائه من جديد.
لا يمكن أن نتحدث عن تجمع س ص بدون الحديث عن التحديات الأمنية التي تواجه منطقة التجمع.. فالأمن أكبر عائق للتنمية و الشراكة بين دول التجمع كذلك هناك عوائق اخرى منها غياب إنعقاد الدورات العادية للتجمع( نظرا لغياب القاطرة ليبيا) و كذلك غياب الانعقاد السنوي للجان المنبثقة عن التجمع.
الهدف التي تم إنشاء تجمع س ص عليه هو هدف اقتصادي لكن مع تطورات الاحداث و الربيع العربي و المعطيات الدولية الجديدة أصبح الهاجس الامني الشغل الشاغل لمنطقة الساحل و الصحراء فالمنطقة تعج بالجماعات الإرها بية الجهادية و التي لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال عن مجموعات الجريمة المنظمة و الحركات الانفصالية.
هناك انماط متعددة للجماعات الاسلامية بمنطقة الساحل و الصحراء منها ما هو تقليدي و تاريخي مبني على أسس أيدولوجية لتنظيم القا عدة و هي بقايا الجماعات الاسلامية في الجزائر و السودان استقرت في النيجر و مالي و تحمل اسم المرابطون ن و الموقعون بالدم و منها ما هو نتيجة لانتكاسة تنظيم القا عدة بمنطقة الشرق الاوسط و فرار قادتها للساحل و الصحراء… و منها من يُدار عن بُعد من طرف تنظيم داعش بعد مقتل ابو بكر البغدادي.
كل هذه الجماعات هدفها واحد و هو إقامة ما يسمى بالمغرب الإسلامي كما أن هناك جماعات من أصول أثنية و عرقية مثل انصار الدين التي يقودها المالي إياد أغ غا لي في شمال مالي.
كما هناك “ابوبكر شيكاو” الذي كان يقود جماعة بوكو حرا م في نيجيريا قبل وفاته و كذلك جماعة انصار الإسلام بقيادة “باباكار” في بوركينا فاسو.
يبلغ عدد المنظمات الإرهابية في منطقة دول الساحل و الصحراء ب12 منظمة إرهابية و عدد المقاتلين يصل ل4800 مقاتل و ما يزيد عن 8 مليون قطعة سلاح بحسب المعلومات الواردة.
لابد من تفعيل و إعادة تشغيل مؤسسات تجمع دول الساحل و الصحراء و تعود ليبيا قاطرة لهذا التجمع حتى يمكن من خلالها تحقيق الهدف المنشود للأمن الأفريقي في منطقة الساحل و الصحراء التي هي امتداد و عمق جيو استراتيجي للدولة الليبية.
الكاتب \ دكتور فرج أخريبيش
Discussion about this post